الشاعر السوري عبد اللطيف الحسيني… في ضيافة المقهى؟؟!
فاطمة الزهراء المرابط
- الحلقة 88-
من سوريا، مبدع يجمع بين الشعر والنقد، يتنقل بين الكلمات الدافئة لينسج لنا نصوصا إبداعية مثيرة للاهتمام والقراءة، له حضور جميل في بعض المنابر الورقية والالكترونية، من أجل التعرف على المبدع عبد اللطيف الحسيني وعلاقته بالمقهى كان الحوار التالي….
بعيدا عن الكتابة، من هو عبد اللطيف الحسيني؟
أنا هو نفسُه خارجَها أيضا، الداخلُ فيَّ هو نفسه الخارجُ : لا أستطيعُ الانفصال – مهما حاولت – في الكتابة عوالمُ من حروف وكلمات، وحين الخروج منها أشخاصٌ من حروف وكلمات أيضا، فأمّا أنْ أكتبَ عن العالم الشعري الذي لا ينتهي، وأمّا أنْ أتحدثَ مع أصدقائي الأدباء عن نفس العوالم ، ما أجمل أنْ تكون الحياة مليئة بالأدب، أسألُ، وأُسْألُ بنفس الوقت، يغضبني أنْ أكون السائل دائما، و بنفس الوقت أنْ أكون مسؤولاً أيضا، لو بقي المرءُ سائلا لَمَا استفادَ ، ولو بقي مسؤولاَ أيضا . مع إضافة معلومة : أنا طارئ على النت وأدغاله، هل تعلمين يا فاطمة : ما زلتُ أجهل جهلاً تامّاً ( المسنجر) و( الفايس بوك)؟ تركتُ هذا العلم لابني الذي يفقه في ( الحداثة ) أكثر مني .
متى وكيف جئت إلى عالم الإبداع؟
أمّا متى ؟ فأنا نفسي لا أعلم : وجدتُ مكتبة في كلّ غرفة من منزلنا : أخي الأكبر كانَ يملك مكتبة خاصة به، فلم أجدْ نفسي إلا قارئاً لها، أقرأُ دونَ أنْ أفقهَ شيئاً ممّا فيها لصغر سنّي، ولصعوبة الكتب تلك، وإنْ انتقلتُ إلى مكتبة والدي أجدُ مكتبة ضخمة، وحاشدة بكتب الأدب والفقه، والتراث خاصة : كتاب الأغاني – العقد الفريد – الفتوحات المكيّة – حلية الأولياء – والتفاسير الكثيرة للقرآن والحديث – ديوان الشاعر الكرديّ (ملاي جزيري )، إضافة إلى كتب طه حسين والعقاد، وتاليا درّبني والدي على : كيف أَقرأ ؟ وهو شيخ طريقة علمية أدبية – فقهيّة في كل منطقتنا . هذا الوالدُ علّمني أصول القراءة، واختيار نوعيّة الكتب التي ستخلق لديّ مَلَكة ( الكتابة ) لاحقا، الآنَ أفطنُ لتلك التدريبات التي لقنها لي والدي: كانَ يجبُ أنْ أقرأها كما طلبَ مني، وقد فعلت. نشرتُ نصوصي في الصحف والدوريات السوريّة والعربية، ولي من الكتب خمسة، وأشتغلُ على كتابين نثريين، أتمنى أنْ أُنهيهما في العام القادم ( 2010)، لكنْ – حقيقة – أُحسّ بأني مازلتُ في البدايات، و يجبُ أنْ أكونَ في البدايات، بدايات القراءة والكتابة . كي أكتبَ قليلاً، وأَقراَ كثيراً.
كيف تقيم وضعية الحركة الأدبية في سوريا؟
ضمن ما أقرأُ، وما أواكبُه، بإمكاني أنْ أُبدي رأيي في الحركة الأدبية التي تعاني ركوداً ملفتاً من حيث الإصدار الإبداعي، لا من حيث النشاطات التي تقيمها المراكز الثقافيّة، بإمكاني القول : في كلّ يوم ثمة نشاطٌ ( أمسية – حلقة كتاب – محاضرة …) في المراكز الثقافية في محافظتنا ( الحسكة ) وباقي المحافظات أيضا، أمّا الحركة الشعرية فتعاني ركودا أعظم، النتاج الشعري المطبوع فيه الكثير من الاستعجال الشعريّ الذي هو نفسه ما نُشر منذ عقود، قد أَستثني شاعرا أو اثنين : جولان حاجي – علي جازو …… إضافة لذلك عندنا دورياتٌ شهرية – أسبوعيّة – يوميّة لا يتابعُها إلا مَنْ يكتبُ فيها، أقصدُ هنا بعضا من أعضاء إتحاد كتاب العرب، وما أدراكِ ما هذا الإتحاد ؟ حتى أنّي أتعجّبُ ممّن يودّون الانضمام إليه، بشروط يمليها عليهم إتحادُهم .
ما هي طبيعة المقاهي في سوريا؟ وهل مازالت تحتفظ بدورها الإبداعي والثقافي؟
المقاهي مكانٌ لكل شيءٍ إلا الأدب، هذا الانطباع خلقته الظروفُ الحالية، أمّا فيما سبق من سنواتٍ، في حلب مثلا ، كان ثمة مقهى ( القصر ) يقصده ( كان يقصده ) الأدباء بجميع مشاربهم (الليبرالي – الشيوعي – البعثي … ) وبالنسبة لي على الأقل، التقيتُ بالناقد محمد جمال باروت في ذاك المقهى، وأعطيتُه مجموعتي الشعرية الأولى ( نحت المدن الصغيرة ) عام 1995- طالبا منه أنْ يكتب مقدمة لها، كان المناخُ آنذاك مناخ نقاش، وإبداع حقيقيّ ، أمّا الآن، فلا ، قد يكون السبب هجرة الكثير من المبدعين إلى خارج سوريا . وهم بالمئات . أمّا عن المقاهي في عموم سوريا ، فلا حرج أني لم أزرْ كلها لأكوّنَ رأياً .
“هناك علاقة وطيدة بين المقهى والمبدع” ما رأيك؟
لا أظنُّ أنّ ثمة علاقة وطيدة بين المقهى والمبدع، الإبداعُ يقولُ شيئا، والمقهى شيئا آخر مختلفا، للتوضيح : هذا تقوله المقاهي عندنا، أمّا في بقية المحافظات، قد يكون الوضعُ مختلفا، وليس لديّ انطباعٌ عنها. لكنْ : عموما باتت المقاهي للعب الورق والتدخين والصخب والضجة التي تنافي الإبداع قلبا وقالبا. هذا انطباعي قبل، وبعد التواصل الإلكترونيّ .
” المقهى فضاء ملائما للكتابة”؟
لو دخلتِ أيّ مقهى عندنا للحظةٍ، لوجدتِ وجهتكِ تُدار بعكسها تماما، الضجة لا تخلقُ إلا الضجة، ليس ثمة ما يُغري بالجلوس في المقهى، الجلوس للحظات بانتظار صديق لك، نعم، انتظار صديق للخروج من جوّ المقهى الخانق – الصاخب . فضاء المقهى فضاء ضبابي صخبيٌّ، وأظنُّ أنّ الصفتين لا تلاؤمَ بينهما وفضاء الأدب الهادئ الساكن.
ماذا تمثل لك: الكتابة، سوريا، الحرية؟
الكتابة: اليوم الذي يمرُّ دون أنْ أكتبَ فيه، لا أحسبه يوما من الأيام .
سوريا: الاسمُ جميلٌ حين ينطقُه المغتربُ . قال أدونيس عن دمشق مرة : بأنها الأُمّة والأَمَةُ و الأمُّ ، ذاك رأيه . أتفقُ معه في جزءٍ فقط .
الحريّةُ : نكرّرها باستمرار، لكننا لا نعيشها .
كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟
ما أتصوّرُه لن يتحققَ، أريدُ من المقاهي أنْ تكون صالةُ عرض للمسرح والسينما، وقاعة للمناقشة، لا ضجيجَ، ولا ادعاء . وما أكثرَ الضجيجَ، والإدعاءَ في حياتنا الثقافيّة والفكريّة.
*******
أشكر جهود الأُستاذة المجتهدة (فاطمة الزهراء المرابط) وحواراتها التي تمسكُ بالمشرق لتضعه في المغرب، وهذا دليلُ بتر الحدود بين الجميع
http://www.doroob.com/?p=10563
فاطمة الزهراء المرابط
- الحلقة 88-
( فاطمة الزهراء المرابط ) |
بعيدا عن الكتابة، من هو عبد اللطيف الحسيني؟
أنا هو نفسُه خارجَها أيضا، الداخلُ فيَّ هو نفسه الخارجُ : لا أستطيعُ الانفصال – مهما حاولت – في الكتابة عوالمُ من حروف وكلمات، وحين الخروج منها أشخاصٌ من حروف وكلمات أيضا، فأمّا أنْ أكتبَ عن العالم الشعري الذي لا ينتهي، وأمّا أنْ أتحدثَ مع أصدقائي الأدباء عن نفس العوالم ، ما أجمل أنْ تكون الحياة مليئة بالأدب، أسألُ، وأُسْألُ بنفس الوقت، يغضبني أنْ أكون السائل دائما، و بنفس الوقت أنْ أكون مسؤولاً أيضا، لو بقي المرءُ سائلا لَمَا استفادَ ، ولو بقي مسؤولاَ أيضا . مع إضافة معلومة : أنا طارئ على النت وأدغاله، هل تعلمين يا فاطمة : ما زلتُ أجهل جهلاً تامّاً ( المسنجر) و( الفايس بوك)؟ تركتُ هذا العلم لابني الذي يفقه في ( الحداثة ) أكثر مني .
متى وكيف جئت إلى عالم الإبداع؟
أمّا متى ؟ فأنا نفسي لا أعلم : وجدتُ مكتبة في كلّ غرفة من منزلنا : أخي الأكبر كانَ يملك مكتبة خاصة به، فلم أجدْ نفسي إلا قارئاً لها، أقرأُ دونَ أنْ أفقهَ شيئاً ممّا فيها لصغر سنّي، ولصعوبة الكتب تلك، وإنْ انتقلتُ إلى مكتبة والدي أجدُ مكتبة ضخمة، وحاشدة بكتب الأدب والفقه، والتراث خاصة : كتاب الأغاني – العقد الفريد – الفتوحات المكيّة – حلية الأولياء – والتفاسير الكثيرة للقرآن والحديث – ديوان الشاعر الكرديّ (ملاي جزيري )، إضافة إلى كتب طه حسين والعقاد، وتاليا درّبني والدي على : كيف أَقرأ ؟ وهو شيخ طريقة علمية أدبية – فقهيّة في كل منطقتنا . هذا الوالدُ علّمني أصول القراءة، واختيار نوعيّة الكتب التي ستخلق لديّ مَلَكة ( الكتابة ) لاحقا، الآنَ أفطنُ لتلك التدريبات التي لقنها لي والدي: كانَ يجبُ أنْ أقرأها كما طلبَ مني، وقد فعلت. نشرتُ نصوصي في الصحف والدوريات السوريّة والعربية، ولي من الكتب خمسة، وأشتغلُ على كتابين نثريين، أتمنى أنْ أُنهيهما في العام القادم ( 2010)، لكنْ – حقيقة – أُحسّ بأني مازلتُ في البدايات، و يجبُ أنْ أكونَ في البدايات، بدايات القراءة والكتابة . كي أكتبَ قليلاً، وأَقراَ كثيراً.
كيف تقيم وضعية الحركة الأدبية في سوريا؟
ضمن ما أقرأُ، وما أواكبُه، بإمكاني أنْ أُبدي رأيي في الحركة الأدبية التي تعاني ركوداً ملفتاً من حيث الإصدار الإبداعي، لا من حيث النشاطات التي تقيمها المراكز الثقافيّة، بإمكاني القول : في كلّ يوم ثمة نشاطٌ ( أمسية – حلقة كتاب – محاضرة …) في المراكز الثقافية في محافظتنا ( الحسكة ) وباقي المحافظات أيضا، أمّا الحركة الشعرية فتعاني ركودا أعظم، النتاج الشعري المطبوع فيه الكثير من الاستعجال الشعريّ الذي هو نفسه ما نُشر منذ عقود، قد أَستثني شاعرا أو اثنين : جولان حاجي – علي جازو …… إضافة لذلك عندنا دورياتٌ شهرية – أسبوعيّة – يوميّة لا يتابعُها إلا مَنْ يكتبُ فيها، أقصدُ هنا بعضا من أعضاء إتحاد كتاب العرب، وما أدراكِ ما هذا الإتحاد ؟ حتى أنّي أتعجّبُ ممّن يودّون الانضمام إليه، بشروط يمليها عليهم إتحادُهم .
ما هي طبيعة المقاهي في سوريا؟ وهل مازالت تحتفظ بدورها الإبداعي والثقافي؟
المقاهي مكانٌ لكل شيءٍ إلا الأدب، هذا الانطباع خلقته الظروفُ الحالية، أمّا فيما سبق من سنواتٍ، في حلب مثلا ، كان ثمة مقهى ( القصر ) يقصده ( كان يقصده ) الأدباء بجميع مشاربهم (الليبرالي – الشيوعي – البعثي … ) وبالنسبة لي على الأقل، التقيتُ بالناقد محمد جمال باروت في ذاك المقهى، وأعطيتُه مجموعتي الشعرية الأولى ( نحت المدن الصغيرة ) عام 1995- طالبا منه أنْ يكتب مقدمة لها، كان المناخُ آنذاك مناخ نقاش، وإبداع حقيقيّ ، أمّا الآن، فلا ، قد يكون السبب هجرة الكثير من المبدعين إلى خارج سوريا . وهم بالمئات . أمّا عن المقاهي في عموم سوريا ، فلا حرج أني لم أزرْ كلها لأكوّنَ رأياً .
“هناك علاقة وطيدة بين المقهى والمبدع” ما رأيك؟
لا أظنُّ أنّ ثمة علاقة وطيدة بين المقهى والمبدع، الإبداعُ يقولُ شيئا، والمقهى شيئا آخر مختلفا، للتوضيح : هذا تقوله المقاهي عندنا، أمّا في بقية المحافظات، قد يكون الوضعُ مختلفا، وليس لديّ انطباعٌ عنها. لكنْ : عموما باتت المقاهي للعب الورق والتدخين والصخب والضجة التي تنافي الإبداع قلبا وقالبا. هذا انطباعي قبل، وبعد التواصل الإلكترونيّ .
” المقهى فضاء ملائما للكتابة”؟
لو دخلتِ أيّ مقهى عندنا للحظةٍ، لوجدتِ وجهتكِ تُدار بعكسها تماما، الضجة لا تخلقُ إلا الضجة، ليس ثمة ما يُغري بالجلوس في المقهى، الجلوس للحظات بانتظار صديق لك، نعم، انتظار صديق للخروج من جوّ المقهى الخانق – الصاخب . فضاء المقهى فضاء ضبابي صخبيٌّ، وأظنُّ أنّ الصفتين لا تلاؤمَ بينهما وفضاء الأدب الهادئ الساكن.
ماذا تمثل لك: الكتابة، سوريا، الحرية؟
الكتابة: اليوم الذي يمرُّ دون أنْ أكتبَ فيه، لا أحسبه يوما من الأيام .
سوريا: الاسمُ جميلٌ حين ينطقُه المغتربُ . قال أدونيس عن دمشق مرة : بأنها الأُمّة والأَمَةُ و الأمُّ ، ذاك رأيه . أتفقُ معه في جزءٍ فقط .
الحريّةُ : نكرّرها باستمرار، لكننا لا نعيشها .
كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟
ما أتصوّرُه لن يتحققَ، أريدُ من المقاهي أنْ تكون صالةُ عرض للمسرح والسينما، وقاعة للمناقشة، لا ضجيجَ، ولا ادعاء . وما أكثرَ الضجيجَ، والإدعاءَ في حياتنا الثقافيّة والفكريّة.
*******
أشكر جهود الأُستاذة المجتهدة (فاطمة الزهراء المرابط) وحواراتها التي تمسكُ بالمشرق لتضعه في المغرب، وهذا دليلُ بتر الحدود بين الجميع
http://www.doroob.com/?p=10563
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق