مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

الخميس، 26 سبتمبر 2013

ولادة النص الشعري في ظلال الاسم الجريح . لعبداللطيف الحسيني .



ولادة النص الشعري في ظلال الاسم الجريح .
 لعبداللطيف الحسيني .

بقلم الفنان جنكو .
أن نقيّم أي نص أدبي لا يقف أمام أحادية النقد بل بقدر ما يولد النص نصوصاً متوازية ومتعددة بتعدد القراءات , فالنص ذو البعد الواحد لا يحتمل سوى قراءة واحدة تخنق النص وتميتُه ميتة عادلة .
إنّ أهمية نص عبداللطيف الحسيني تكمن في خلقه لجديد يصدمك و ينفّرك بلا إعتياديّته  , فهو نص لواقع حالي قاس , وكيف لا يكون النص قاسياً وهو يصوّر السأم والمبضع والانتحار والقتل والوجوه المتلوّنة بتلون الواقع ؟.
وهو ردّ على ولادة شعرية سابقة , شعرية بدأت بحداثة لغوية مع ما يرافقُها من صور شعرية جديدة , فقد كانت إذاناً بشعر ذاتيّ , وهو نفسُه قضى على نفسه بعد تحوّله إلى صور اقتنع بها القارىء وأصبحت بعض العبارات  كمثيرات تغري " رأس" القارىء مثل الزهور وأسمائها والخضراوات ونعناعاتها والبقع الجغرافية ( عامودا – قامشلي - كردستان) وورودها في أي نص أصبح كافياً لتسمية أي نص بالشعرية , وكان ذلك كافيا ليكسب الشاعر جائزة في الشعر لمدة خمس دقائق .
-        يفتت عبداللطيف الحسيني الشعر السائد و يرى ضرورة لذلك , و لربما كان تفتيتُه لكثير من الكلمات الواردة في نصه إلى حروفها نوع من الإشارة إلى التفتيت , فالواقع يتفتت والدول تنقرض والشعوب تتحول ولا شيء يبقى على حاله .
-        إنه يفتت الحالة الشعرية بصورها الرعوية الرومانسية وأشعارها الغزلية المتذللة للمرأة و ينزع التاج والهالات الذهبية عن رأس شعبه المقدس , إنه إذانٌ بمرحلة جديدة ونحن نعيش حالة تحول هجينة للواقع حيث يصرخ الشاعر : ( من فضلك افسح طريقا للإنسان الجديد الصائت كي يجمّل دنيانا ).وأصبح الملائكة مشلولة أمام سطوة اللصوص الذين سرقوا الجزء الرابع من العقد الفريد بالرغم من أنها سرقة لفرح الشيخ و رفاقه العجائز , فكل الصور الشعرية التخييلية و المتخلّقة إلى واقع افتراضي تتحطم أمام سطوة الواقع الماديّ القاسي , واقع مادي لتابوت الروح .
-        يضع الشاعر عمله ضمن مصطلح نص وقد أضاف الناشر عبارة " شعر" في ذيل الصفحة الثالثة , والكتاب يتأرجح بين المفهومين , فإن بعضها يمكن تسميتها بنصوص تصل إلى حد المقالة والخاطرة , وهذا واضح في الكتابات المكناة باسم أصدقائه , و لكن البقية تستحق مصطلح " نص شعري" , فهي أشعار بحق لهيكليّة عباراته المهندسة ضمن بناء عضوي متماسك , كما في "أسرار - كالبرق - أمام امرأة " يقول أدونيس :( تكمن قيمة النص الشعري في فعاليته الفنية , ويكون النص فعالاً حين يكون قادراً على أن يتوالد بنفسه خالقاً بين كلماته أو بين عناصره شبكة غنية من العلامات . )
في حادثة جرت منذ أيام في مدينتنا عامودا : لقد أقدم أحدُ اليائسين بإشعال النار في إحدى غرف بيته , فبادر قلّةٌ من الشباب لإطفاء الحريق و لكن الأكثرية من الجيران وقفوا متفرّجين حتّى التهمت النيرانُ البيت كلّه , بسبب تحججهم بعدم وجود الماء , أو قّلته ’ وهذه السلبية لم تمنعهم من كيل اللوم على صاحب البيت و تصرّفه رغم أنّ البيت احترق تماماً . ما أقرب الحادثة من صوت عبداللطيف الحسيني : ( أنا الرجلُ الذي تمدد فوق سكة القطار و لم يمنعه أحد ).