مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

ضجيج في رأسي

 (سهيلة بو رزق)

عندما لا تجد ما تفعله اكتب عن الأغنية التي تحدث ضجيجا في رأسك ،  وتحوّلك اٍلى راقص محترف ، وعندما لا تجد ما تقوله اتصل من هاتفك باٍمرأة  تجيد قراءة ما يدور في جسدك ، أما اٍن كنت غير قادر على فعل شيء فنصيحتي لك  هي انتظار ما لا ينتظر وحينها فقط ستبدأ مشاعرك بالتحسن تجاه ما لم تكن  تكترث لوجوده في حياتك.
أعتقد أن الغباء حالة مستحبة لاٍنسان لا يجد ما يفعله في حياته حتى لا ينفجر عقله وتتحوّل ذاكرته اٍلى قطعة أثرية نادرة.
الحياة  ببساطة قلق دائم سريع التواصل ، و هي الغواية التي تدركنا ونحن على بعد  خطوة من الموت ، هي السؤال الذي يبعث فينا التأمل وهي المسألة التي تربك  خطواتنا باٍتجاه الذات ، هي الجريمة الوحيدة التي لا يعاقب عليها قانون  الأرض ولا قانون السماء اٍن لم تتورّط في غير المسموح به ، لكنّها من جهة  ثانية أجمل بكثير عندما تغازل المحرّم من الأمور ، بل ان المحرمات هي  اللّذة التي ترقص لها الحياة اختلافا.
لقد شعرت بطعم الاختلاف في  حياتي عندما قررت عدم الكف عن الكتابة بجرم وبعري وبوقاحة وبعهر وبكل ما لا  يسمح به ، وجدت نفسي أكثر انتظارا لأمر ما سيحدث في حياتي ولو متأخرا  ،ووجدتني أقف أمام مرآة ذاتي أبتسم بسخرية لي كما لو أني ألتقيني لأوّل  مرّة في شكلي الممسوخ ،فأحيانا يطلع صوتي من يدي ،وأقرأ الكتب بظهري وألمس  الأشياء بأذني.
التفاصيل تهرب مني دوما في الاٍتجاه الآخر وأنا أركض خلفها وألهث كمجنونة.
هناك  ما يعبث بنا ، هناك ما يمنحنا الثقة في جوهر العبور اٍلى لغة تكتبنا أكثر  مما نكتبها ، هناك خلطة سرّية تمدنا بأسئلة الليل الطويل الذي تتراجع  أوهامه أمام رشة ضوء من عيني الشمس ، هناك ما يعترض أحلامنا الصغيرة التي  بحجم القلب ، النابض دوما بحب .
أسوأ ما في الحياة أنها لا تنتظر  أحدا واٍن حاولت الرّكض فيها اختلت فيك موازينك ،لا عبث هنا ولا خيار لنا  اٍلا القليل من رتوشات الصمت.
سأحاول اليوم الغطس في قاع البحر  بمعدات جهزّتها من قبل لكي أتحرر من الطبيعة ، سأغوص عميقا ، سأحاول ترتيب  ما بداخلي من فوضى تحت الماء ، سألتقي بسمكة تشبهني ، واٍن اٍلتقيت بالسيّد  القرش سأقبله من شفتيه وسأتواعد معه ليلا في شقته لكي يفترس ما تبقى مني  من أفكار ، سأخبره بأن القروش البريّة لا تفهم في النساء غير ما يحتويه  جسدها من ثقوب تثير فيهم الغضب ، فينقضون عليها بجنون ،سأخبره انني أنثى  عطشى ومملوءة بالخيال ، سأمارس معه كلّ ما يخطر ببالكم ، سأجعله يتقلب فوق  أفكاري ، سأحبه وسأجعله يعشق مدّي وجزري فيه.
في اليوم الموالي سأسحب  خطواتي في زيارة اٍلى الأموات ،سأضع على جميع القبور وردة وأغنية ، سأقبّل  التراب ،أمسح وجهي به ،وأجلس بالقرب من قبر ما لا أعرف هويته أقص عليه  حكايتي.
ربّما لن يسمعني أحد ،لكن _على الأقل_ الأموات لا يكذبون في  صمتهم ،سأترك كتابي المفضل هناك وأغادر سيأتي آخر مثلي اٍلى المكان نفسه  ليحكي أوجاع الحياة فيه ، فنحن مصابون بالحيرة على الدوام ، لا نكترث  للأجوبة اٍلا اٍذا سألنا وعندما نفعل تكون الاٍجابات قد اختلفت وربّما  ازدادت حيرة هي أيضا.
عندما لا تجد ما تفعله اكتب عن الحلم الطفولي  الذي تناسيته فقد تتحقق تفاصيله على الورق ،أما أنا فلست أعرف كيف أملأ  فراغ يومي رغم أنّني قمت بكل ما نصحتكم به اٍلا الغباء.

ليست هناك تعليقات: