مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

كيفَ أحمِلُ الأرضَ؟ . كيفَ تحملُني؟. (1)

 (أستاذي في الجنون عبداللطيف الحسيني , نعم ...هو: دينوكا)


إلى عبداللطيف الحسيني : إنهُ الترابُ حين يتفتّت .
هكذا تحبّ لهذا…
وكذا يخونُ لماذا…
وأنا أحبكَ آنذاك…
ذات جدا غريدة…
موتها ودج صغير…
مجمرة مهجتي، فكيف لا أحترق؟
أتسطر ما تبقى منك فيّ
أستنهضُ دفءَ الكلمات في موتي
استقرئ ذاك الجليد الدامي….أنا الأرضُ فكيف لا أثور؟
بين السرّ ورائحته أحيك تفتت ظلي.
فوق أوراق الخرافة تعلو بنفسجة اليقين،
بين رماد ونثار، يلهثني العطش
بين رتق ونزيف، تعلكني الذروة
تحملني ممراتُ القيامة
يتلوى أنينك المغروس في جسد الكمان
يتقصّف الموت حقيقة
صفصافة تعتقل في رحم التيه موتها الشهي
تعتصر لهاثا يتعرّق وينفث نفسه ليضيء وجه الكون.
فكنتُ العبور…
وكنتَ الثبات…
وكان فعل أمر متوهجا كوردة
تقشر الروح في كف الجسد، فيكَ
حقول عباد الشمس
حمامة فكتوريا المتوجة.
هشاشة التلاشي المثقلة بآخر أيام ديسمبر…..
.شهية رائحة القبلات وهي تحترق….
لذيذة كالموت، كالوهم……………..وأحلم:
لا أحبّ الرخامَ الأملس، عذارى الفراشات خاصرتي… وتوهج حبة رمل واحدة هي الشمس. جمرة واحدة تتقصف في صوتك، تشتعل صراخات، تتفسخ خيبات، ووجوه ضائعة.
هي أدمغتنا العذراء، هي كل تفاصيلنا الصغيرة من الفقدان.
هي ترنحاتنا الوعرة، شطط فوضانا، تدحرجُنا المبللُ المبلبل. غيوم دنيانا.
عيناها المنكسرتان.
هي نكات الآخرين المتبقية. خيوط العابرين.
هي الرقص تحت أضواء الهسيس الخافتة، أو ربما _ بعض الكلام ….
في الصباح: هي وجه قلبك القرمزي المتأجج. مسلك الهواء الوحيد العائد من الجنة..
في الظهيرة: شعاع ساقط رجعي يرشق الفقراء بحصيات أنفاسهم.
في المساء: هي شواطئنا المنحسرة في حفنة من سكون……….
هي لغة كل ما ينمو….
هي مزاج وهكذا …………………..أحلم
كأنها تقاسمني شيئا ما ….حين تغيب , فتعانق فرسانها وخيولَها.
كل مَن أتعبهم الشباب وسد نوافذ أحلامهم.
تغيب لتحملني عبئا روحيا مهوّلا من فرط صدقها في ممارسة الغياب!
اذ تتفرخ في مستنقع عميق ثم تنتهي كنداء خفيف متتالٍ .
يسحبني من مناقيري المرقطة تلك الرملية الباهتة،
بكل ما تتكبده.
هي كرواني الجبلي. هي صيحته الشجية الباكية…
هي قطقاطي الأغبر، نداؤه الدمشقي العذب.
عوّدتنا أنْ نكونْ أقوياءَ: بهاءً وسطوعا.
ضياؤها المنشورُ في جوار الأرض، في كلِّ ركن من السّماء، يغادرنا فيتركنا متفسّخين، ظلاميين بأسمائنا، بنفوسنا، بفوضانا. بدوراننا الأعمى.
كأنَّ حقبة الإرادة والقوة قد تبدّدتْ؟ كأنَّ الأمنَ قد امتلكة اللصوصُ؟
كأن الانسانية تصرخ: لا وجود لي في ذاكرتي……وأحلم
بجسدها المنحوت بدقة. عملاق كونيٍّ رقيق يرضعني الأمان.
كيف لهذا البؤبؤ الناصع البياض أن يمتلكني؟ كيف لهذا الجرح الغائر فوقَ الكلّ أن يقذف بي لمغاور الفناء؟
كم أشتهي أن أضع على قبرها حزمة ورد.
الشمسُ حقيقتنا اذن، بصفائها، بطهرها، باصفرارها، شئنا أم أبينا.
حرارتها العظيمة هي أمواجنا القاتلة، زحفها الطويل هو سفرنا الغريب نحو الأبد.
تعاليها فوق انفعالات أمواجنا المتلاطمة هو سلام الأرض.
أنين تربتها الخاوي _ مخلفاتنا من الانكسار.
سراب ألقها الصقيل _ تنفسنا اللاهوائي.
صوت الكمان البعيد……………….. في ذاكرتي.
الآن أنا حاضرة، لم يفاجئْني أنَّ الشمسَ تعرفني بتأثري.
أحملُ شعلتي الحرّة، أرفع قهر الدنيا، مفاعلها وألوانها الفاقعة، لأستقرئ الظلال.
لأغربل رمادي المتبقي. زيتي المعاد امراره…….
كلما انتصبت أمامي لتطفيء حريقها الأعظم تشبهني لحدٍّ ما.
كأنها تطفئه في جوفي.
هي تصدعي النجمي _ زاحفيته..
هي سحبه الليلية المضيئة. مصباحك التوهجي.
هي زيته اللاجفوف،
زجاجه الذي لا يتناثر عند الانكسار.
كيف أصبح مجرد خيط محروق إذن؟
من حوله لعنق بركاني،
لخرسانة مسلحة،
لكئيب جليدي،
لغيمة سديمية محددة المدار؟…….. وأحلم:
أنا صندوق أذرع متأرجحة،
أنت تشققي الحلقي،
أنا دقيق صخري حزين…….
وأنت توهجي الضوئي
الجزء الأوّل من كتاب الكاتبة الفلسطينيّة نائلة الخطيب بعنوان : كيفَ أحمِلُ الأرضَ؟ . كيفَ تحملُني؟.

ليست هناك تعليقات: