مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

الأربعاء، 29 فبراير 2012

وجهٌ خفيٌّ .

وجهٌ خفيٌّ .
إلى لطيفة لبصير .
عبداللطيف الحسيني .
موحِشاً أسألُه عن بَصَري ال م ن ف رط ليجمعَه.
موشوماً يجيبُني الوجهُ الخفيُّ , مكلّلاً بماءِ الحياةِ يناديني.
كأني تقرّيتُ ملامحَه , هنا وضعتُ صوتي المكتومَ ليحدّثَني من خلال ذاكَ الوجهِ الخفيّ , فيه أبصرْتُ صوتي ملثّماً نبرتَه , وجهٌ خفيٌّ بخفّةٍ لمّني كطائرٍ يلتحفُ عشَّه , كأنّه وجهُ نهرٍ يسحبُ الظلالَ المتخفية إليه , وجهٌ ي رم ي ملامحي على مرآةٍ تمتصُّ عاصفة صيحتي . وجهٌ ردّدَ ملامحي المتآكلة على صفحتِه .
أريدُه وجهاً , فيأتيني غناءً م ن ف ل تاً يلمع .
ليسَ وجهاً ما أعنيه , هو الصّوتُ فشُبِّهَ لي ,إنّه البخورُ يطوّقني برائحتِهِ في طريق م ن قّ طٍ .
وجهٌ يبيحُني بينَ يديه – في كتمانِه .
كيف أركّضُه في عتمتي كالبرق ؟
كيف استطاعَ أنْ يحيكَني ق ط رةً .. ق ط رة .
كيف خبّأني بجانبِ جدول واخ ت ف ى ؟
كيف استمعَ إلى كلّ هذا النشيج ولم يلتفتْ ؟
وجهٌ خفيٌّ – كيفَ رقّقَ كلامي و دبّ فيه رقصاً ومرّرَهُ بي دونَ أنْ أنتبه ؟ .

السبت، 18 فبراير 2012

الاسمُ الكرديّ الجريح .

عبداللطيف الحسيني .
قلتُه اسماً وأعني بهِ مجموعاً , أقولُه الآنَ – اليومَ وأقصدُ بهِ عقوداً , لذا جاءَ الجريحُ صادماً , و لن أضيفَ إليه ملحاً بل أبعدَ من القسوة ذاتِها : ملحاً مسموماً , أقولُ أنا وأقصد غيري , ليحسَّ الآخرُ غيرُ الكرديّ بأنّ الاسمَ الكرديّ صُبَّ عليه الغبنُ مزدوجاً حينَ أرادَ المشاركةَ في كلِّ ما يطوفُ حولَه أو المشاركةَ في جلّ ما يناديه الواجبُ في عموم بلدِه من أقصى شمال الشرق حيثُ البشرةُ الترابيّة منتهياً بجنوب الغرب حيث البشرةُ السوداء , لم تبقَ مشاركةُ الاسم الكرديّ مفهوماً بل كانتْ تفاعليّة – متماهية لمسَها البعضُ وعرفَها ممّنْ تحسّسَ آلامَ الاسم الكرديّ في ترحاله قبلَ حلّه , خصوصاً في النقاط التي يتمُّ التعارفُ فيما بينَ كلّ الأطياف السوريّة التي تُظهرُ ثراءً في الفكر والثقافة .أدقّ النقاط التي تُقرّبُ كلَّ الأطياف إليها : الطلبةُ حين يجمعُها حوارُ الذات أو سؤال الهويّة , حينها يلفّ الاسمُ الكرديّ أسماءَه المتعدّدة أو آلامَه و جروحَه المتعدّدة التي لا تنتهي , ما منعَ الاسم الكرديّ أنْ يلتفَّ ببعضه أو يلتفتَ إلى رنين صوتِه وإشعاله من الداخل , ما منعَه وفتّته هو نفسُه ما مَنَعَ وفتّتَ غيرَه .
يحسُّ الاسمُ الكرديُّ أنّ عليه تعباً مزدوجاً – كما كان عليه الغبنُ مزدوجاً – عليه أنْ يُعيدَ إلى اسمه خصوصيّتَه المتعدّدة , فهو الكثيرُ ضمنَ هذه الخصوصيّة التي قد لا ينافسُها فيها غيرُه أحياناً , وأحياناً أنّه في تلك الخصوصيّة هُدِرَ وقُهِر . غيرَ أنّه كانَ الثمنَ الباهظ طوال حياته : حين غُيِّرَ اسمُه واسمُ مكانه , وسيكونُ الثمنُ فوّهةَ جحيمٍ حينَ رأى نفسَه فجأةً : "غريبَ الوجهِ واليدِ واللسان ِ" وهو في عقر داره .
و كأنّ عليه جمعَ نفسِهِ ورصّها قبلَ أنْ يدلَّه غيرُه إليه ,وامضاً بعدّما كانَ غامضاً , و قبلَ أنْ يبقى عقوداً أخرى اسماً ج – ر – ي – اً .