إلى أبناء جيلي الصامت والصائِم .
هكذا أُسمّي كتابَ حياتي حينَ أفتحُه فلا أجدُ فيه إلا هامشاً من الضياع يسلّمني إلى سنوات الضياع , كلُّ ساعةٍ فيها تستفزّني وتسألُني غاباتٍ من الأسئلة , وعليّ أنْ أجيبَها دفعةً واحدة : كيفَ عشتَ , بل لِمَ عشتَ , و لِمَ لم تحتدَّ , ولم تصرخ , و لِمَ خبّأتَ صراخَك في نفسكَ الأمّارة بالكبت ؟.
و هكذا لن تجيبَ مرآةُ حياتي إلا بتحليل جثّة المخضرَم الميّت – الحيّ الذي عاش في موتِه حيّاً , وميّتاً في حياتِه.
المخضرَمُ الذي أكونُهُ وكنتُهُ ضيّعته العقودُ الثلاثةُ وتوّهتْه وانهكته وانتهكت أَجَلّ مرحلةٍ من عمر المخضرَم , حيث فورانُ ماء الشباب الملوّن وحيث الحياةُ عِنبٌ وتفاحٌ وبرتقال , ولم يجد المخضرم إلا لوناً وَسِخَ الشكل والمضمون كاتماً على الروح والنفس , ولم يجد المخضرم إلا عنباً مسموماً يلجمُ فمَه ويكتمُ صرختَه حتّى وإنْ أعلنَها كتيمةً من نافذة غرفةٍ متآكلة تبلعُ فحيحَ الجحيم في خضرمتِه , فكيفَ به وهو المخضرمُ الغِرُّ على الحياة التي ملّتْهُ وسئمتُه مجردَ أنْ أتاها بعقودِه الثلاثة التي تفوحُ منها الكآبةُ, والمأساةُ تسلّمُه إلى المآسي عاصبَ العينين والكفّين والفؤاد ؟.
الآنَ يحقُّ للمخضرم أنْ يسألَ , ودونَ أنْ يجيبَه أحدٌ : أرأيتم حياة مشتعلة بالأنين والشكوى و النسيان تشبه حال المخضرم ؟.
هذا دونَ أنْ أحسبَ سنواتِه الهائمات في عقده الرابع , ودونَ أنْ أذكرَ الطفولةَ التي...........تشبهُ الطفولةَ أو تشبه دمية شنيعة الشكل تُرمَى بها في أقرب شارع تزدحمُ الفوضى فيه و النفايات .
المخضرمُ الذي عاشرَ جيلاً يصغرُه بعقود و يجاريه حبّاً للحياة وبها ولها وفيها , هذا الجيلُ الذي أعيشُ في كنفِه لن يقبل أنْ تكونَ مرآةُ حياتي عاكسة لحياتِه يردّدُها ويمثّلُها ويطبّقُها , ولن أقبل لجيلٍ عمرُه عامٌ أوعامٌ ويزيدُ قليلاً إلا أنْ يمتلك طاقةًَ الأرض وكنوزها و يمتصّها ويحوّلها إلى ما يريدُه منها , لا إلى ما تريدُه هي منه , إنّه الجيلُ الذي يقطعُ مشارقَ الأرض ومغاربها بخطوةٍ .
.....
من فضلكم : هاتوا حياتكم ودوّنوها (نعم دوّنوها) أو اكتبوها أو ارسموها أوغنّوها أو خطّطوها لأتعرّف عليها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق