تجثو متوهِّجاً وتسردُ على نكباتِنا أقماراً خافتةً , وتشرّدُ كلَّ طيرٍ أضلَّ طريقَََه في سمائِنا , مُستعِيراً جناحَه الشحيحَ , تنطقُ بلسان الأحصنة المثقلة وهي تقطعُ الأرضَ بلمحةٍ من بصرٍ كفيف .
إنّه الكلبُ , كلبُ حارتِنا يهجمُ عليّ , فيقولُ صاحبُه : (يحبُّكَ , فيمزحُ مَعَكَ)
يشعلُ حولي نباحاً , فيقولُ صاحبُهُ:(يجرّبُ صوتَه لكَ) .
يعضُّ يدي , فيقولُ صاحبُه :(يتتبّعُ سارقاً ما).
حانَ المساءُ , فتلتمعُ عينُه وتفورُ أنيابُه ويحتّدُ ريشُه ليستقبلَ قفزات الطفولة وخصوبة الشّتائِم , يخبّؤها ليدفعَها إليّ بغفلةٍ حينَ أعودُ إلى البيت فجراً , وكلّي أنينٌ ويرتجلُ من فمي إلهٌ متعَبٌ عجوزوملاكٌ منتهَكٌ و سماءٌ تنخفضُ لتلامسَ يدي .
يا كلبُ ,استرسلْ بالعذوبة والوداع , ودِّعْ مهابتََكَ ,وضعْ جنوبَ الأرض مكانَ الشّمال فلن تجدَ إلا كائِناً مطحوناً يركضُ , ويركضُ نباحُكَ خلفَه .
يا كلبُ , كلب الطّفولة والشّباب والكهولة تسلّقْ مناكبَ الأرض الخَرِبَة وارفعْ عقيرتَكَ باللهاث , حينَها – يا كلبُ- ستردّدُ سمواتُ الأرض احتفالَكَ بالأنين .
ارمِ شظايا الأرض على جدرانِنا المتعبة وأنتَ تصيحُ فوقََََها كديكٍ هائجٍ , لاعظْمةٌ تُسكتُكَ ولا بذاءَاتُ الصّبية الحُفاة تردعُكَ .
ابسطْ كفّيكَ على بابِ كهفِنا ثم التفتْ لتجدَنا جثثاً عَفِنَةً تُطهّرُالأرضَ ومَنْ عليها , إنّنا ملائِكةٌ وقد فارقتنا أرواحُنا .
إنّها القيامةُ يا كلبُ .
إنّها القيامةُ الآنَ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق