مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

الخميس، 2 يونيو 2011

في شرح اللوحة .

غسان جان كير.

الحائطُ في دائرة السّجل المدني بعامودا يحتوي على لوحةٍ تشكيلية لا تحتاجُ لتوقيع فنان عالميّ مشهور كي تسترعيَ انتباهَ النُقّاد والعوام للمُشاركة في تحليل اللوحة أو تأويلها .
واللوحة لا يحتويها إطارٌ يُحدّد مساحتها , أو قُماشٌ يُرسمُ عليه , وليس لها اتجاهٌ يسير بعينيك بينَ معالمها , فلكل مُشاركٍ في رسمها اتجاهُه الخاصّ في محو آثار الحبر التي بقيتْ على أصابعه العشرة , مِن اليمين لليسار أو بالعكس أو مِن فوق لتحت أو بالعكس , وبتركيزٍ مُكثّف في بدايتها المُقابلة لطاولة مُدير السّجل لتبدأ بالتلاشي كلما ابتعدتَ عن الدائرة . واللوحة بما تحويه مِن البصمات تُذكّركَ بِعشرات العرائض كانت تحتوي إلى جانب التواقيع  فكيف بالبصمات , مُطالبة بِحل مشكلة المُجرّدين من الجنسية السورية , وما مِن عينٍ تقرأ وما مِن أُذنٍ تسمع .
اللوحة لا تحتاجُ شرحا مِن مُوظفي تلك الغرفة , وحين يستعصي عليك الفهمُ , فلن تجدَ الجرأة في الاستفسار من وجوهٍ سِمتُها التجهّم خُلقة واكتساباً مِن الوظيفة التي تُحيلك إلى عوالم شخصية ( بيتروفيتش ) في ( قصة المعطف ) .  
والرمزية المُتوخاة مِن اللوحة يُمكن مُلاحظتها في تداخُل البصمات في مركز اللوحة؛ حيث يُمكن قِراءتها ب ( اللُحمة الوطنية ) التي كثُرَ الحديثُ والتغنّي بها هذه الأيامَ بالتوازي مع تدنّي أسعار بورصة اللحمة الوطنية ( بفتح اللام ), بعد أنْ فقدَ الوطنُ الكثيرَ مِن الأرواح زادتها الفجيعة بأنْ تتحوّل إلى مُجرد أرقام تُقسّم على المناطق أو الأيام . هذه الفجيعة التي أفقدتْ مُعظم مَن استردوا الجنسية السورية السرورَ والفرح , وهي ذاتها الفجيعة التي ما كان لها أنْ تحدُث فيما لو رأى كُل مسؤول نفسَه خادما للمواطن وليس العكس .
في الارفاق : خريطة قرى عامودا .

ليست هناك تعليقات: