مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

السبت، 26 مارس 2011

مبغى .

مبغى .
عبداللطيف الحسيني .
(ساعاتُه الأيامُ, أيامُه الأعوامُ ,والعام نير.) السيّاب .
إنْ حاولَ واحدٌ من الذين أدمنوه أن يتفوّه به ، يضعُ الآخرُ يدَه على فمه ليمنعَه من التحدّث ,ولو أنه  منقرضٌ ومغلقٌ منذ أكثر من ستين عاماً من قبل شيخ عُرف بتقواه ، لأنه كان للدرك الفرنسي ، وربما حين يتلقى المبغى الشتائمَ الحالية ، وكأنّ الشتائمَ ضده لا للمبغى وكفى ، بل لِمَنْ  بنوه : "الاحتلال الفرنسي "الذي لم ينعم وحده بالمبغى ، حيث كان الجنودُ يقيمون في طريق قريب منه "القشلة "المنقرضة الآن أيضا . 
الأهمُّ في سيرة المبغى أنّ البعضَ يتشنّجُ من الحديث عنه ويرفض سيرته ويفنّد و يصغر وجوده بل يحقره ، ويرفض أن يكون له وجود أصلا ، وهو نفسُه الذي رآه و ربّما دخله و تعرّف على عالم المبغى والبغايا .
فكان المبغى الطريق المباح لِمَنْ أرادَ دخوله ولمن يقصد الجهة التي يرتاح فيها - و طالما تمناها -,  فإنْ لم يدخل المبغى ذاك فسيخلق في داخله مبغى وهميّاً و بغايا أوهام ويستدرجهن إلى أحلامه و أحلام يقظته . فكأنّ وجودَ المبغى يتناسب ووجود شباب تستفزهم دواخلُهم لمعرفة عالم غريب بحاجة إلى كشف , وهم الغريبون عنه , فكانَ لا بدّ أن يقتحموه و يتنفسوه بأية طرق كانت , و مهما كانت صعبة و ملتوية , وما أن يُنهي (شغله) عليه أن يغتسلَ - أنْ يُبعدَ النجاسة عنه , فيغطس مجرد غطس فحسب في النهر القريب الذي كان كفيلا أنْ يبعد عنه آثام الدنيا . لم يكن على زبون المبغى أن يختار الطريق الأقرب ليوصله إليه خوفَ أن تراه عينٌ متلصصة تبيح فضيحته , عليه أنْ يختار طريقا ليظن به أنّ له عملا  ما في ذاك الطريق , و كأن الطريق ذاك ممنوع , و كأنه ملغوم برقابة داخلية ,وإن كان سالكه لا بدّ مار فيه لعمل هام يقضيه . حتى ذاك المار الإجباري كان يحسُّ أنّهُ ذاهبٌ إلى المبغى لحرب العيون التي تترصّد الطريق وتحسسه  أنّ العيون تلك تراقبه هو و تتربص به لا بالطريق . 

للمزيد : http://httpblogspotcom-alhusseini.blogspot.com/2011/03/blog-post_8218.html

ليست هناك تعليقات: