مدوّنة الكاتب الكرديّ : عبداللطيف الحسيني .

الأربعاء، 24 أبريل 2013

الشاعرُ في المسرح .


الشاعرُ في المسرح .
عبداللطيف الحسيني .
تنويه :( كلمة أُلقيتْ بمناسبة اليوم العالميّ للمسرح أمام عدد من الطلاب بمختلف الاختصاصات)

عمتم مساءً .
أنا "الشاعرُ في المسرح" ولن أفيدَكم بشيءٍ إن تحدّثتُ عن المسرح  الذي غابَ عن مدينتي منذ عقود . بل أفيدُكم بأنّ مدينتي لا تعرفُ المسرح منذ نشأتها , هذا إذا استثنيتُ بعضَ الفِرَق التي كانت تعملُ بجهودٍ ضئيلة وبعيدةٍ عن تكنيك المسرح وفنّ تدريب الممثل , ولا أستطيع أنْ أحسبَ تلك الفرق نواةً لمسرح راهن أو قادم .
هل تقبلون  رأيي الذي ربّما تجدونه متطرّفاً ؟, لكنْ لو عاينتم وقمتم بمسح عمّا أقولُه لوجدتموه صائباً , لن أبخلَ عليكم ثانياً أنّ أيّة مدينةٍ تخلو من المسرح لهي مدينة تفتقدُ وتفتقرُ إلى عصب الحياة  ونشوتها , وهذا العصبُ ميّتٌ أو مُشوّه , ولن أبخلَ عليكم أوّلاً : إن أية مدينة تخلو من المسرح لا تغدو ولا تُسمّى مدينة , أعيدُ أسبابَ غياب المسرح عنّا أوعدم تأسيسه إلى عقود اضمحلال وتفتيت كلِّ شيء , وهو اضمحلال وتفتيت مقصود وممنهج ومبرمج ليكون المرءُ عندنا امرأ غادره الودُّ والنبضُ واشتياقُ الحياة , ويحتلّ مكانَه شحوبُ وفجاجة وقساوة الكلمات والتعامل والسلوك .
أعلمُ أنكم تقرأون كلامي بكلّ أوجه التشاؤم و السوداويّة , فمرحباً بهما إن كانتا سبباً لبدء كلّ شيءٍ من جديد ولدرء إعادة ما كان , ربما أدركُ قبلَكم صعوبةَ وربّما غرابة أنْ نبدأ الحياة من جديد , الأمرُ سهلٌ , فساعدوني من فضلكم :
أنْ تتشكلَ لجنة خبيرة لانتقاء بعض الذين يملكون حسّاً تمثيلياً ,وهذا لا يكفي كخطوة أولى إلا إذا تبعتها خطواتٌ لاحقة وهي بالتتالي – كما أرى- أنْ يتمّ تدريبُهم على خشبة المسرح ومراقبة حركاتهم وسكناتهم في النور وفي العتمة معاً , ومن ثَمَّ الاستماع إلى تهجّيهم ونطقهم حين يؤدّون مشهداً مأساتيّاً أوملهاتيّاً , وهذا لا يعني القفز من فوق أهمّ عنصر في المسرح وهو قراءة و مشاهدة المسرح العالميّ ونظرياته حولَ فنّ الممثل و تعاليم ستانسلافسكي وتلقّي وتشرّب ذاك الفنّ وتلك التعاليم .
تعلمون أنّ ما أقوله يحتاجُ إلى شهور بل إلى سنوات موّارة بالحياة المسرحية , أي أنْ نجعلَ حياتنا مسرحاً وأنْ نتحرّك ونتحدّث ونهتاج ونصرخ بإبداع مسرحيّ وكأننا نمثّل أوكأننا على خشبة المسرح حتى يغزو المسرحُ عقولنا ونفوسنا إلى درجةٍ نصلُ فيها : ( أنا المسرحُ ) , جواباً على سؤال يباغتُنا: ( مَنْ أنت ) ؟.
تلك بعضُ ما أجدُه ليتأسّسَ لدينا مسرحٌ ناضج أو حياةٌ ينبضُ فيها المسرحُ , أنْ نقولَ نظريّاً ولِمَنْ يجد في نفسه الكفاءة ليطبّقه عملياً , صحيحٌ أنّ ما سقتُه صعبٌ لكن صحيح أيضاً أنّ المسرحَ لا يأتي من الفراغ أو من الطفرة , وكذا أي فنّ يأتي ليغيّرَالحياة , فكلُّ جديد غريب , وهذا الغريبُ سيصبحُ مألوفاً يعانقُ تفاصيلَ حياتنا إذا رحّبنا به ومنحناه الأهميّة التي يستحقُّها , أقولُ هذا الكلامَ لأني كنتُ على تماسّ مع بعض تدريبات الفرق المسرحية ومشاهدة ( المسرح النوروزيّ) تلك التي تشكّلت ومُثّلتْ على عجل , فلم أجد إلا ترسيخَ و تأكيدَ ما قلتُه .
فهل ننتظرغودو ؟
وبما أنني الشاعرُ في المسرح , فها أنا في حركةٍ مسرحيّة أضعُ يديّ فوقَ عينيّ صارخاً لئلا أرى مدينتي دون مسرح .
عمتُم مسرحاً .
alhusseini66@gmail.com

ليست هناك تعليقات: