مشعل المُنصِت .
عبداللطيف الحسيني .
أفقْ فقد طالَ مكوثُك تحتَ هذه الأرض التي أخذتْ طاهراً
منّا , أعلمُ أنّك تسمعُ وترى أكثرَ ممّا فوقها , تسمعُ الأشرارَ وترى الموبقات
تُرتكبُ بحقّ أشرف المخلوقات " الإنسان" الذي كنتَ لسانَه حينَ يصرخ و
يدَه الملوّحة حين يرفض , لقد أطلتَ الإنصاتَ أكثرَ ممّا يلزم منذ سنتين , وها قد
أقبلَ زمنٌ آخرُ , هو زمنُ الفكر . حين قُتلتَ , ظنّ السفّاحُ بأنه قَتَلَ لحماً
ودماً وكفى , ولم يعلم بأنّه من مستحيلات السّماء والأرض قتلُ الأفكار التي لا
يمكنُ أنْ تُختطَفَ أو تُقتَلَ أو تُمثّلَ بجثّتها المقدّسة .
أنت تفهمني : شاعرٌ حيٌّ هو أنا , وسياسيٌّ زلزلَ أوكارَ
وجحور الصّغار والأمّيين وهم ألدُّ أعداء الكلمة التي تنبضُ بالحياة .
ألم أقلْ لك لا يمكنُ قتلُ الأفكار , فها هي يدُكَ مرفوعةٌ
تخيفُ مَنْ فوقَ الأرض وأنتَ تحتَها تجيدُ فلسفة الإنصات , فكيف لو قامتْ قيامتُك
؟
اسمعني جيّداً : وأنا في لوعة غيابك" : نريدُكَ حيّاً
, فقد جاء دورنُا لننصتَ إليكَ بعدَ أنْ تكلّمنا دونَ أنْ نتعلّم فنَّ النقاش أونجيدَه
.
لكنْ يا مشعلَ الكرد : ابقَ حيث أنت , فنحن نعيشُ في زمن
الصّغار والقَتَلة , وهو زمنٌ لا يليقُ بك.